قال الله عز وجل {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا النساء: فالله سبحانه يأمر عباده بعبادته وحده لا شريك له وعبادته أوجب الواجبات وأعظم الحسنات وتركها أعظم السيئات أن عبادة الله وحده هي التي أوجدت الخلائق من أجلها هي التي بعثت الرسل بها هي التي أنزلت الكتب من أجلها هي التي خلق الإنس والجن لها قال الله تعالى } وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وما أريد منهم من رزق ما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين الذاريات: - والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال
واعلم أن من عبادته وطاعته سبحانه طاعة الوالدين والبر بهما والإحسان إليهما ومعرفة ما أوجب الله لهما عليك فلقد قرن حقهما سبحانه بحقه في عدة آيات كما قال عز وجل } أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير لقمان:
معاشر المسلمين لقد أكثر الله من ذكر شأن الوالدين وأوجب الإحسان إليهما لفضلهما وعظيم معروفهما على ولدهما } يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهر
فيجب عليك أيها المسلم الإحسان إلى والديك والبر والتلطف بهما وامتثال أوامرهما قال ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل منها واحدة بدون قرينتها فذكر منها قوله تعالى {أن اشكر لي ولوالديك فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه ولذا روي عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخط الوالدين وعن ابن عمرو رضي الله عنه قال جاء رجل يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد وقال صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين أيها المسلم كما تزرع تحصد وكما تدين تدان فمن زرع المعروف يحصد الشكر ومن يزرع الشر يحصد الندامة وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان وهل عاقبة الإساءة إلا الخسران إن البر بالوالدين لمن آكد الحقوق وأوجب الواجبات وطاعتهما من أفضل الطاعات لهذا قرن الله حقهما بحقه سبحانه وشكرهما بشكره فمن حقوقهما عليك أن تكرمهما وتحسن إليهما وتبذل نفسك ومالك في سبيل مصلحتهما وتسعى جهدك في كسب رضاهما وإن بلغا عندك الكبر فلاطفهما بما يحبان واحتمل أذاهما ولا تضجر من حوائجهما مهما كانت وأحسن إليهما في حال الضعف والكبر كما أحسنا إليك في حال العجز والصغر وكن بهما رؤوفا رحيما وعليهما عطوفا حليما فمن أولى بالبر والطاعة والإحسان من أمك الشفيقة البرة الرفيقة هي التي ذاقت الآلام مدة حملك وقاست من الشدائد ما قاست وقت معالجة وضعك ثم أضعفت قواها بإرضاعك حولين كاملين وأتعبتها بحملك تارة على الصدر وأخرى على اليدين كم لوثتها بالأقذار وكم أزالتها عنك بلا ملل ولا ضجر وإذا مرضت باتت ليلها ساهرة جائعة حزينة باكية متألمة لألمك خائفة عليك مما ألم بك فكيف بعد هذا تؤثر غيرها عليها في البر وتقدم سواها بالإحسان ثم من أحق بالحنان والرحمة والإحسان من أبيك العطوف الرحيم الذي أحسن إليك ومن نفيس أمواله أنفق عليك وأرشدك إلى ما ينفعك في دينك