أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن الإنسان الذي ينام ساعات طويلة على وتيرة واحدة يتعرض للإصابة بأمراض القلب بنسبة عالية. وتعليل هذه الظاهرة أن شحوم الدم تترسب على جدران الشرايين الإكليلية للقلب بنسبة أكبر إذا طالت ساعات النوم، مما يؤدي إلى تعطيل عمل تلك الشرايين وفقدها لمرونتها فلا تصلح لضخ الكميات المناسبة من الدم لتغذية العضلة القلبية، يزيد في ذلك إحداث تلك الترسبات الترسبات الدهنية لتضيق في لمعة الوعاء الدموي وزيادة نقص الإرواء نتيجة ذلك.
و ينصح الباحثون أن يقوم الإنسان من نومه بعد 4 – 5 ساعات لإجراء بعض الحركات الرياضية أو المشي لمدة ربع ساعة للحفاظ على مرونة الشرايين القلبية ووقايتها من الترسبات الدهنية وبالتالي لتجنب الإصابة بأمراض القلب.
و الإسلام العظيم _ كما يقول الدكتور إبراهيم الراوي سبق الطب الحديث في الوقاية من هذه الظاهرة حيث وضع التدابير اللازمة بتوصيته للمسلمين منذ نشأة الدعوة الإسلامية بالقيام لصلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل ثم انتظار صلاة الفجر. حتى أن الرعيل الأول من المسلمين كانوا يزِنون إيمان المرء بمقدار التزامه بحضور صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد.
و قد منع شرعنا الحنيف المسلم وحذره من أن يستمر في نومه إلى ما بعد طلوع الشمس، حين أمره بالنهوض الإجباري لأداء صلاة الفجر:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقيل ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال: " ذلك رجل بال الشيطان في أذنه " [ رواه البخاري ومسلم ].
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل صلاة بعد المكتوبة صلاة الليل " [ رواه مسلم ].
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً " [ رواه الشيخان ].
و إن المسلم المعاصر اليوم ليستشعر روعة إسلامه حين يسمع نداء الفجر الرائع " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم " يكررها المؤذن مرتين، حين وعى أهمية هذا النهوض لأداء صلاة الصبح في الوقاية من خطر الإصابة بالأمراض القلبية. لقد كان الكثيرون، وقبل ظهور هذه الحقائق، ليستثقلون هذا القيام وكيف أنه يعكر عليهم نومهم الرغيد الهادئ.
نعم ! قد لاحظ المرء في أيامه الأولى صعوبة النهوض لصلاة الفجر وثقلها على النفس، إلا أنه بعد نجاحه في بضع محاولات، وانتصار الإرادة على النفس، فإنه ليشعر بنشوة وهناء منقطع النظير عندما يتمتع بروعة الفجر في أبهى لحظات العمر والتي يحرم منها من استسلم لنفسه الأمارة بالسوء !....