الصلاة ضرورة حيوية:
إن توفر وسائل الراحة في المدنَّية الحديثة من سيارات ومصاعد وغسالات كهربائية قللت إلى حد كبير من حركات الإنسان، علاوة على أن كثيراً من المهن من يضطر صاحبها للجلوس الساعات الطوال دون حركة، وراء حاسوبه أو عمله المكتبي، مما يقلل من الكفاءة البدنية والقوة العضلية في أجسام هؤلاء.
و يرى خبراء العلاج الفيزيائي أن الرقود الطويل في الفراش مع الامتناع عن تحريك أعضاء البدن لمدة أسبوع تخفض درجة كفاءة وعمل أعضائه إلى حدٍ كبير، كما يتوقف النخاع في العظام عن توليد الكريات الحمر خلال فترة الرقود هذه. وأظهرت الأبحاث التي أجريت على رواد الفضاء الأوائل، أنهم فقدوا خلال رحلاتهم الفضائية التي لم تكن تستغرق أكثر من أسبوع واحد، أكثر من 10 % من وزن عظامهم نتيجة لقلة الحركة. وبلغ نقص العظام حوالي 15 % خلال الرحلات التي استمرت أسبوعين. مما أفزع الهيئات المشرفة على رحلات الفضاء وجعلهم يجهزون المركبات الفضائية بأجهزة خاصة للتدريبات الرياضية يستعملها الرواد أثناء رحلاتهم.
و قد حدد العلماء لرواد الفضاء مدة 90 دقيقة على الأقل في اليوم لأداء التدريبات المذكورة وحتى يستطيع الرواد إنجاز المهمات المكلفين بها بنجاح. لقد تبين أيضاً أن قلة الحركة تؤدي إلى ضمور في العضلات وربما إلى اختفاء بعض العضلات مثل العضلة المتسعة الداخلية Vastas Internas وهي عضلة على شكل الكمثرى توجد داخل الركبة. والعضلات الضامرة لا تستطيع ضخ الدم الكافي لتنشيط عضلة القلب مما يؤدي إلى ظهور متاعب مرضية فيه. كما أن العضلات والأربطة المفصلية تقصر عند قلة تحريكها لتجعل من حركة المفاصل محدودة أيضاً.
و من هنا نفهم أثر الصلاة على الإنسان وخاصة ذلك الذي تمنعه ظروف عمله من أداء الحركات الضرورية لعضلاته ومفاصله، فتأتي الصلاة لتقوم بأكبر عمل وقائي لجهازه الحركي، فهي دواء وقائي لا تعرفه الصيدليات. وهي أكثر أهمية للشيوخ والذين ينصحون اليوم بالمشي وأداء التمرينات البدنية الرياضية.
و الحركات في الصلاة من نوع فريد من التدريبات البدنية تتخذ أسلوب السهل الممتنع. فالصلاة بين وقوف وتكبير وركوع وسجود هي في مجموعها تمرينات شاملة من نوع يعجز أي خبير رياضي أن يجمع لنا في وقت واحد وفي دقائق معدودات ما فيها من حركات بدنية شاملة لجميع مفاصل الجسم وعضلاته، تناسب كل الأعمار ولكلا الجنسين ولجميع أنماط الأجسام البشرية. وهي سهلة جداً لمن اعتادها منذ صغره. لكنها، ونظراً لطبيعة تكوين وحداتها الحركية وعدد مرات تكرارها صعبة الأداء لمن لم يعتدها ويجدها " لأول مرة " ثقيلة عليه.
و يكتب الدكتور إبراهيم الراوي عن خطر آخر تهدد إنسان العصر نتيجة قلة حركته والخمول الذي يصف طبيعة حياته. ذلك أن الخمول العضلي يعتبر من أهم أسباب ترسب الشحوم الدموية في جدران الأوعية المغذية للقلب مما يؤدي إلى فقدانها لمرونتها وإلى سماكة في جدرانها يؤدي إلى تضيق لمعتها وإلى قلة الدم الذي يمكن أن تنقله إلى القلب، فيصاب القلب بالوهن والضعف. وإذا تمادى الأمر بزيادة تلك الترسبات الشحمية فيمكن أن يؤدي إلى انسداد أحد الشرايين المغذية للقلب _ الجلطة _ وإلى توت قسم من أنسجة القلب يسبب لصاحبه الإصابة بالسكتة القلبية التي تهدد حياته.
و يتابع الدكتور إبراهيم الراوي بحثه قائلاً: لقد انتبه الإسلام العظيم إلى خطر الخمول العضلي على الجسم وما يمكن أن يتعرض له من آفات قاتلة، ووضع أسس الصحة الجسمية كإجراء وقائي هام للفرد والمجتمع المسلم ففرض الصلاة عبادة حركية تتجدد خلالها الحيوية والنشاط لكافة عضلات البدن ويمنع تعرضها للخمول العضلي، تلك العضلات التي قد لا تسمح لها طبيعة حياة الإنسان وعمله بالحركة اللازمة.
و نظراً لأهمية أفعال الصلاة _ الحركية _ كتدريب حيوي للجسم يتم على مراحل فسوف نستعرض كل حركة منها وما ينتج عن ذلك من تأثيرات غريزية على أجهزة البدن مسترشدين بصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في أسلوب أداء كل حركة.
القيام والتكبير: تبدأ الصلاة بوضعية الوقوف باعتدال مع تباعد القدمين قليلاً. ثم يكبر العبد في خشوع بادئاً صلاته برفع الذراعين أماماًًًًً وإلى الأعلى مع ثني المرفقين واضعاًً إبهاميه حذاء شحمتي أذنيه رافعاً صوته بالتكبير. ثم يخفض ذراعيه أماماً وإلى أسفل مسنداً إياهما تحت الصدر، أعلى منطقة البطن واضعاً اليد اليمنى فوق اليد اليسرى.
إن تكرار حركة الذراعين يتكرر في الصلاة الرباعية 10 مرات، وهذا كافٍ لتحريك وتنشيط مجموعة العضلات والأربطة والمفاصل للذراعين والكتفين، كما أن المحافظة على سلامة الاعتدال طيلة الوقوف للقراءة ينشط مجموعة العضلات المضادة لعمل الجاذبية الأرضية. هذه الحركات تساعد على الاحتفاظ بمرونة مفاصل الكتفين والمرفقين واليدين، وتقي من الإصابة من التصلب المفصلي. كما أن وضع اليدين أعلى البطن وما ينتج عنها من ضغط خفيف لتلك المنطقة له تأثيراته التي تشبه التدليك الذاتي لأعصاب الضفيرة الشمسية والحجاب الحاجز الخاصة بانتظام وعمق حركات التنفس
الركوع: عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجزئ صلاة أحدكم حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود " [ رواه أبو داود والترمذي والنسائي وإسناده صحيح ( الأرناؤوط ) ].
و عن سالم البراد قال: أتينا أبا مسعود فقلنا له حدّثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بين أيدينا فكبر فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك وجافى بين مرفقيه حتى استوى كل شيء منه. [ رواه أبو داود والنسائي وإسناده حسن ( الأرناؤوط ) ].
عن أبي حميد قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر بيده فنحّاهما عن جنبه " [ رواه البخاري والترمذي ].
و في رواية: قال أبو حميد في أصحابه: " ركع النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ هصر ظهره " [ رواه البخاري ] _ وهصر ظهره بمعنى استوائه في الركوع من غير ميل في الرأس عن البدن ولا عكسه [ عن العسقلاني في فتح الباري ].
و الركوع هو الحركة الثانية في الصلاة وتأتي بعد انتهاء التلاوة في القيام برفع اليدين للتكبير استعداداً للركوع ثم ينحني الجذع في انسيابية لطيفة إلى الأمام ليشكل زاوية قائمة مع الطرفين السفليين. ويحدث انثناء لمفصلي الفخذين، بينما يكون مفصلا الركبتين ممتدين. ولزيادة التأكد من امتدادهما وعدم ثنيهما توضع اليدان عليهما لتثبيتهما في وضع الامتداد.
و تعمل في الركوع مجموعة كبيرة من العضلات، وهي في انقباضها ومقاومتها لقوة الجاذبية الأرضية تساعد على تنمية وتحسين النغمة العضلية. ومع ثبات وإطالة فترة الركوع تحدث استطالة لألياف العضلات خلف الساقين. وتعمل على اتزان درجة انقباض عضلات الفخذ الأمامية والخلفية وتعمل على تقويتها وبذلك تقي من تمزقها أثناء الأعمال الحياتية اليومية. كما يساعد الركوع على زيادة مرونة ومقوية الأربطة والعضلات على امتداد العمود الفقري مما يخفف أو يقي من الإصابة بأوجاع الظهر والانزلاق الغضروفي كما يزيد من معدل التهوية الرئوية.
و احتفاظ عضلات العنق بوضعية ثابتة أثناء الركوع تزيد العود الوريدي إلى القلب وينشط المضخة الوريدية في البطن لتدفع بالدم نحو القلب مستفيدة من انقباض جدار البطن ومن تقليل عمل الجاذبية الأرضية المعوقة لحركة الدم من أسفل إلى أعلى مما يجعل للقلب قدرة عجيبة على سحب الدماء
الاعتدال من الركوع: عن أبي أحمد الساعدي في وصفه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: " ثم قال: سمع الله لمن حمده ورفع يديه واعتدل حتى رجع كل عظم في موضعه معتدلاً " [ رواه البخاري والترمذي ]. وفي رواية عنه: " رفع النبي صلى الله عليه وسلم واستوى حتى يعود كل فقار مكانه " [ رواه البخاري ].
تبدأ حركة الرفع من الركوع بانقباض عضلات العنق لرفع الرأس أولاً، ثم عضلات الظهر لمدّ الجذع عالياً ليعتدل واقفاً مع استرخاء الذراعين بعد الرفع. عندها تصبح عضلات البطن في وضع بين الانقباض والاسترخاء. ويخف الضغط داخل تجويف البطن بدرجة ملحوظة فتهبط عضلة الحجاب الحاجز إلى أسفل مؤدية إلى حدوث شهيق عميق لا إرادي، يعقبه زفير لا يقل عنه شدة. وهذا يؤدي إلى اندفاع الدم من تجويف البطن والأطراف نحو القلب. وهذا يتيح الفرصة للدماء المحتقنة في الطرفين السفليين للاندفاع إلى أوردة البطن ومنها إلى القلب
السجود: عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه " [ رواه مسلم ].
و عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهتين، وأشار بيده إلى أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر " [ رواه البخاري ومسلم ].
و عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " [ رواه مسلم ].
و عن عبد الله بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلّى فرّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه " وفي رواية " كان إذا سجد يجنح في سجوده حتى يُرى وضح إبطيه " [ رواه الشيخان ].
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " [ رواه مسلم ].
ينتقل المصلي من الوقوف إلى السجود بحركة هُوي مفاجئة تشمل كامل الجسم مرة واحدة على الأرض، ثانياً جميع مفاصله، واضعاً يديه على الأرض قبل ركبتيه، موزعاً ثقل جسمه على سبعة أعظم، مستنداً على باطن كفيه مع رفع المرفقين ملاحظاً عدم التصاق الساعدين بالأرض. وتتحرك أثناء هذه العملية أكبر مجموعة من العضلات والأربطة، وحتى يتمكن الجسم من اتخاذ وضعية السجود.
و مع تكرار هذه العملية في الصلوات الخمس: تزداد مرونة العمود الفقري، وجميع مفاصل البدن، كما تعتبر عملية وقائية، وعلاجية لحالات تصلب المفاصل والانزلاق الغضروفي
و قد أثبتت الدراسات الطبية أن لحركة السجود تأثيرات بالغة على الدورة الدموية كانت مثار إعجاب لكل الأطباء غير المسلمين الذين درسوا أفعال الصلاة فلقد تبين أن قابليات الإنسانية الذكائية والفكرية تزداد عند قدوم كميات كبيرة من الدماء لتروية الحجر الدماغية، وإنّ انخفاض الرأس في حركات الركوع والسجود يؤدي إلى زيادة التروية الدموية داخل القحف. أما تكرار هذه الحركات بشكل متواتر فهو يدرب الشرايين الدماغية على التقلص والانبساط ويزيد من قدرتها على تنشيط الدورة الدموية في الدماغ.
و تسجل كتب الطب _ كما يؤكد الدكتور إبراهيم الراوي _ حوادث غريبة تدل على اكتساب المخ قابليات مذهلة من التركيز الذهني في وضعية الرأس المتدلي إلى الأسفل، يعجز عنها في وضعه الاعتيادي.
فالإسلام عندما فرض الصلاة، فإن ما فيها من ركوع وسجود، يعتبره العلماء اليوم من أروع الإجراءات الطبية الحاسمة لتأمين نشاط عالٍ للشرايين الدماغية والتي يمكن أن تعمر طويلاً وتكون وقاية من التراجع العقلي بفقدان قابليات المخ مع تقدم السن. كما أن المرونة التي تحصل عليها الشرايين الدماغية عند المصلي تقيه من حوادث الإغماء وفقد الوعي الفجائي عند تغير الوضعية أو النهوض الفجائي رافعاً رأسه بسرعة، والتي تحصل عند الأشخاص العاديين لنقص كتلة الدم في التلافيف الدماغية.
و هكذا فإن حركة السجود تعتبر بتكرارها اليومي من أروع الرياضات لجهاز الدوران في الدماغ، والذي تزوده بكميات إضافية من الدم فتضاعف قدراته الذهنية والفكرية وصدق الله في خطابه للمؤمنين:
{ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } [ سورة الحج: الآية ].
و ينقل مختار سالم أن وضعية السجود تجعل الدورة الدموية تعمل في اتجاه الجاذبية الأرضية والذي حرمت منه غالباً حياة الإنسان في وضعية الانتصاب. وفي ذلك تيسير على تدفق الدم نحو الرأس والقلب، ويزيد في ذلك تقبض وانشداد العضلات الظهرية مما يؤدي إلى عصر الدماء داخل أنسجتها متدفقة بغزارة إلى الأوعية الكبيرة. كما يحدث انقباض نسبي في عضلات جدار البطن تزيد معه درجة الضغط داخل تجويفه مؤدياً إلى سرعة سحب الدماء ودفعها إلى القلب.
و السجود ينشط المضخة الوريدية في البطن إلى أقصى درجة ممكنة، كما يزيد من قدرة مضخات الأوردة في الساقين على تفريغ الأوردة السطحية ودفع الدم إلى الأوردة العميقة. وبهذا يلعب دوراً مهماًَ في مكافحة الدوالي والوقاية من التهاب الأوردة في الساقين أو التقليل من شدتها، كما سنرى في البحث التالي
كما أن وضعية السجود تساعد على تفريغ هواء الزفير، كما تؤدي إلى انحدار ما تجمع من مفرزات مخاطية من التفرعات الرئوية إلى القصبة الهوائية ومنها إلى الخارج مما يتيح للرئتين النظافة من المفرزات المرضية والطبيعية والقدرة على الامتلاء بالهواء النقي. كما أن خبراء الطب الطبيعي يرون أن وضعية السجود هي الأفضل للتخلص من المفرزات القيحية عند المصابين بخراج في الرئة.
و أخيراً فإن السجود يزيد من نشاط الجهاز الهضمي وفعاليته نتيجة تلامس وضغط الفخذين على جدار البطن فتكون بمثابة تدليك _ مسّاج _ يقوي جدار البطن ويساعد على زيادة الحركة الحيوية للمعدة والأمعاء، فينشط الهضم وتقل الإصابة بالإمساك. وبذلك يعتبر السجود من أروع الأوضاع في التدريبات البدنية فائدة للإنسان ومنه استمدت " اليوجا " أحد أوضاع تدريباتها.
القعود بين السجدتين: قال أبو حميد يصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: " فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى " [ رواه البخاري ].
و في رواية ".. ثم كبر فجلس ونصب قدمه الأخرى ثم كبر فسجد ". وفي رواية عن أبي هريرة: ".... ثم يقول الله أكبر ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً ثم يقول الله أكبر ثم يسجد " [ رواه أبو داود ]. وفي رواية مسلم عن عائشة: " وكان إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي جالساً ".
حتى ينتقل المصلي من وضعية السجود يدفع الأرض بيديه مع رفع الرأس والجذع عالياً حتى ينتصب الجذع ويشكل زاوية قائمة مع الفخذين، وبهذا يحدث انثناء كامل لمفصلي الركبتين، مع وضع اليدين على الفخذين ملصقاً براحتيه عليهما ومحدثاً استرخاء لعضلات اليدين. وتتحرك أثناء هذه الحركة عضلات كثيرة وخاصة المستقيمة الظهرية، كما يحدث ضغط كبير على عضلات الساقين وخلف الفخذ مما يسبب التصاق الأوردة السطحية وتتخلص من دمائها مندفعة إلى العمق، كما يحصل المصلي أثناء اتخاذ الوضعية على حركة شهيق عميقة مما يساعد على زيادة التهوية الرئوية، وينشط عمل المضخة الرئوية الصدرية والبطنية لتعملا بأقصى طاقة ممكنة.
و تؤكد عملية السجود الثانية ثم الرفع منه على التخلص من بقية الدماء المحتقنة في أوردة الساقين مما يساعد على الوقاية من الإصابة بالدوالي.
النهوض من السجود إلى الوقوف: يقوم المصلي من سجوده ليقف دافعاً الأرض بكلتا يديه حتى يتم اعتداله واقفاً بشكل كامل. ويشارك لإتمام هذه الحركة من عضلات اليدين والفخذين وعضلات الظهر الكبيرة وبهذا تعتبر هذه الحركة من أفضل أنواع التدريبات البدنية وأيسرها من أجل تنمية وتقوية هذه العضلات، والأربطة المفصلية العاملة، وإكساب معظم المفاصل مرونة ورشاقة مما يساعد في المحافظة على سلامة القوام واعتداله
جلوس التشهد: عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد للصلاة جعل قدمه اليسرى تحت فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه " [ رواه أبو داود والنسائي وهو حديث صحيح ( الأرناؤوط ) ].
عن عباس بن سهل الساعدي قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس _ يعني للتشهد _ فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر االيمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه _ يعني السبابة _ [ رواه البخاري والترمذي ]. وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الركعة التي تنقضي فيها الصلاة أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركاً ثمّ سلّم.
و عن عبد الله بن عمر قال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني رجلك اليسرى. [ رواه البخاري ]. والجلوس هنا شبيه بما يحدث في القعود بين السجدتين، إلا أن طول مدته يؤدي إلى زيادة الضغط على عضلات الساقين والفخذين، وضغط المقعدة على الكعبين، مما يؤدي إلى انفراغ كامل لما بقي من دم محتقن في أوردة الساقين.
مما يعتبر في عرف المعالج الفيزيائي من أفضل التمرينات للوقاية والعلاج من الدوالي وجلطة الساقين.
السلام: عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده. [ رواه مسلم ].
و عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره: " السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله " [ رواه أبو داود والترمذي والنسائي وهو حديث صحيح ( الأرناؤوط ) ].
ينهي المسلم صلاته بعد التشهد الأخير بالسلام فيلف رقبته يميناً ثم يساراً لإلقاء السلام إعلاناً بانتهاء الصلاة. وحركتي التسليم تمرين واضح لعضلات الرقبة والعنق، وللمحافظة على مرونة المفاصل والأربطة فيهما وهي عملية وقائية من آلام الرقبة.